خَلق الله تعالى الإنسان وفطَره على حبّ الاجتماع والتواصل، وهيأ له أسباب العيش في مجتمع بشري تتكامل فيه الأدوار والوظائف، وتتم بالتعاون فيما بينهم تبادل المصالح والمنافع، إذ لا قيام للإنسان بمفرده، ولا استقرار للمجتمعات بانعزالها واستقلالها عن غيرها، فالمجتمعات الإنسانية بحاجة إلى بعضها البعض، حيث تتكامل أدوارها وتتحقق مهمة استخلافها فوق هذه البسيطة، عمارة لهذا الكون باستبقاء الحضارة فيه، واستمرار الحياة عليه، فالإنسان «لا تتمّ مصلحته إلا ببني جنسه، يعاونونه على جلب المنفعة ودفْع المضرة».
وهذا مفهوم شائع عند علماء المسلمين وأئمتهم، فهذا القاضي ابن العربي يرى: «أن الإنسان مدنيّ بالجبلّة، مفتقرٌ إلى الصحبة بالضرورة، لأنه خُلق خَلقا لا يستقلّ بمعاشه ولا يستبدّ بمنافعه، بل هو مفتقر في ذلك إلى غيره..».(المحصول في الأصول).
كما يؤكد عليه الإمام ابن تيمية حين يقول: «لا بد للإنسان أن يفهم كلام بني جنسه، إذ الإنسان مدني بالطبع، لا يستقل بتحصيل مصالحه، فلا بد لهم من الاجتماع للتعاون على المصالح، ولا يتم ذلك إلا بطريق يَعلم به بعضهم ما يقصده غيره». (درء تعارض العقل والنقل).
وقد اتفقت الديانات السماوية والحضارات المختلفة – وفي مقدمتها الإسلام – على قيمة إنسانية نبيلة، وهي الإحسان في أوقات الشدائد والمحن، وأن يكون ذلك ممتدا لجميع الناس بغض النظر عن دياناتهم وأعراقهم، غوثاً للملهوف، وعوناً للمحتاج، ليشملهم جميعا واجب التضامن وروح التعاون، استبقاء لحياة النوع الإنساني التي هي في أصلها هبةٌ ربانية ومنحة إلهية، فحياة نفس واحدة منها كحياة البشر جميعا، وخسارتها كخسارتهم جميعا، كما قال تعالى: «ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».
وتزداد الحاجة إلى التعاطف الإنساني في أوقات الأزمات والشدائد، فيتجدد الشعور بالانتماء إلى الأسرة الإنسانية، وتتوارى نزعات الأثَرة والأنانية، وتتكاتف القدرات والكفاءات لتَعمل بروح العمل الجماعي في معالجة كثير من المشكلات، سعيا منها لانتشال الإنسانية من آلامها وجراحاتها، والعودة بها إلى أمنها واستقرارها.
يقول الإمام الطاهر بن عاشور: «والله بنى نِظَامَ هذا العَالمِ على تعاون الناس بعضهم مع بعض، لأن الإنسان مدني بالطبع، فإذا لم يَأمَن أفرادُ الإنسانِ بعضُهم بعضا تنكّر بعضُهم لبعض، وتبادروا الإضرار والإهلاك ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن يقع فيه، فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالَم، والله لا يحب الفساد ولا ضُرَّ عبيدِه إلا حيث تأذن شرائعه بشيء..». (التحرير والتنوير)
وهكذا، فالإنسانية مفهوم ضارب في تاريخ البشرية، وقديم قِدم الوجود الإنساني على هذا الكون، وهي صفة لازمَت المجتمعات البشرية عبر العصور، ودعَت إليها الرسالات السماوية في تجديد وإحياء لقيم الرحمة والعطاء والإحسان في النفوس، واعتبار خدمة الإنسان لأخيه الإنسان من الخير وعلامات الإيمان، استثمارا لدوافع هذه الخصلة الحميدة في وجداننا الداخلي، وما يغذّيه وينميه الوازع الديني المنبثق من قيم الرحمة الإلهية التي جعلها بين خَلقه، فيتراحمون بها فيما بينهم، كما جاء في الحديث: «جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخَلق... ». (البخاري ومسلم)
وقد تجسدت المعالم الإنسانية والقيم الأخلاقية بأرقى صورها وأزكى معانيها في سيرة رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فصارت أصيلة في كيانه، بارزة في شمائله، تعلن عن نفسها بوضوح، حتى صرحت بها أمّ المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها عندما وصفته صلى الله عليه وسلم بقولها: «إنك لتَصل الرحم، وتَصدق الحديث، وتَحمل الكلّ، وتَكسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق».(البخاري)، فلم تُشر رضي الله عنها إلى تعبّده صلى الله عليه وسلم واعتكافه وتفكره، بل أشادت بمعاملاته مع البشر وعلاقاته مع الناس، فهي المحك الحقيقي لتقييم الإنسان ومصداقيته ونيل الثقة به.
وحين بعثه الله بالإسلام كانت البشرية على موعد جديد مع تجديد قيمي واسع وإحياء روحي شامل، فكان الإسلام بتعاليمه السمحة حارسا للمعاني الإنسانية النبيلة، وباعثا على المزيد من حبّ النفع والخير للآخرين، متجاوزا بها كافة الأطر الضيقة، جاعلا خير الناس أنفعهم للناس، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، والجزاء من جنس العمل، والإحسان إلى الخَلق معاملة مع الله قبل أن يكون معاملة مع الناس، وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلْينفعه» وفي رواية: « فليفعل» (مسلم).
والله تبارك وتعالى وعد بعظيم الأجور وأرفع الدرجات من يسعى في قضاء حوائج خَلقه في البأساء والضراء، يفرج كربتهم، ويخفف أحزانهم، وينفس همومهم، ويداوي جراحهم وآلامهم، ويعالج عللهم وأدواءهم، ويعينهم على نوائب الدهر وتقلبات الأحوال، مواساة للمكلوم، وشفقة على المحتاج، وإظهارا للألفة والمودة، ممتثلا في ذلك قوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى»، ومحققا لنداء رسوله صلى الله عليه وسلم: «أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل: سرور تُدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تَقضي عنه دَينا، أو تَطرد عنه جوعا»، (الطبراني).
يقول الإمام ابن القيم: «وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم - على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها - على أن التقرب إلى رب العالمين، وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خَلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استُجلبت نعَم الله، واستُدفعت نقمته، بمثل طاعته، والإحسان إلى خَلقه».(الجواب الكافي)
وهذا الغيض من فيض، يُعرف في مصطلحنا المعاصر بـ(العمل الإنساني أو العمل الخيري أو التطوعي)، وهو من الركائز المهمة في استقرار المجتمعات البشرية، ودفع عجلة التطور والتنمية فيها، ويَهدف أساسا إلى تقديم العون والمساعدة والإغاثة للأفراد الذين يواجهون خطرا يهدد حياتهم، مثل: القتل والجوع والمرض والنزوح واللجوء.. إلى آخره من الأخطار التي تؤثر على حياتهم، وتهدر حقوقهم، وتُضعف آمالهم في عيش سويّ بكرامة وهناء وراحة بال.
وهو سلوك إنساني تتضافر فيه قيمٌ عليا ليس أولها: الكرم والبذل والعطاء، وليس آخرها: حبّ الخير للإنسانية جمعاء، ويُسهم في نشر قدر عال من الألفة والمحبة في المجتمع الإنساني، الأمر الذي يزيد من ترابط الناس وتماسكهم، وخَلق روح التعاون بينهم لتقديم ما فيه نفعٌ خالص للآخرين.
ولذا استُحق (العمل الإنساني) أن يوصَف بأنه: عطاء وكرم، إحسان وبذل، إخاء وتراحم، محبة ووفاء، جهد وتضحية، ومن ثَمّ رجاء للأجر والثواب من الكريم الوهاب، القائل في كتابه: «إنا لا نُضيع أجر من أحسنَ عمَلا»، والقائل أيضا: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون».
إن قيمة الإنسان لا يحققها مجرد وجوده، ما لم يكن وجوده فاعلا ومثمِرا، متوّجا ذلك بعمله الصالح النافع: «وأما ما يَنفع الناسَ فيَمكث في الأرض»، فقد خُلق الإنسان ليُنظر ماذا يَعمل، وماذا يقدم لأسرته ومجتمعه ووطنه، وماذا يقدم للإنسانية من حوله في العالَم، كما أخبر بذلك العليم الخبير في قوله: «ليبلوكم أيكم أحسن عملا»، فالإنسان في عالَم اليوم لا ينفرد بنفسه، ولا يمكنه الاستغناء عن الآخر، بل يعيش مع أخيه الإنسان ويستأنس به، ويتشارك معه في الأفراح والأتراح، يحب له ما يحب لنفسه، ويكون عونا له في المهمات والملمّات.
وكما هو الحال في كل عمل؛ فإن (العمل الإنساني) يعطي ثماره المرجوة ونتائجه الإيجابية على أرض الواقع حين يدار بشكل مؤسَّسي، منظّم وجماعي، بعيدا عن الارتجالية والعشوائية والفردية، وذلك بأن يكون تحت هيئة أو منظمة رسمية أو مؤسسة نظامية ذات إدارة متكاملة وناجحة، وخطة استراتيجية هادفة، حيث تحدِّد مساراته البحوث والدراسات، وتسخَّر له الجهود والإمكانات، وتُجلَب إليه الخبرات والكفاءات من ذوي المؤهلات والشهادات، ليتحقق له الاستدامة والاستقرار والنجاح.
وإذا شئنا نقاء دوافعه وصِدق بواعثه فإنه ينبغي أن يخلو من كافة مظاهر التسييس، ويتسامى على أجندات الصراع، ولا يُستَغل في ترويج الأفكار الحزبية والطائفية، بل يكون خاليا عن العنصريات والعصبيات وكل الأغراض والاعتبارات غير الإنسانية، لأن المقصود منه خدمة الإنسان بدءا وانتهاء، شعاره في ذلك: (الإنسان قبل البنيان).
وبالنظر إلى أرض الواقع وساحات العمل في الوقت الحاضر- وما تعانيه الإنسانية من آثار وتداعيات هذه الجائحة العالمية (فيروس كورونا) التي تتطلب عملا إنسانيا كبيرا وجهدا دوليا فاعلا لتغطية آثار هذا المرض الفتاك - فإننا نجد أن مختلف الدول والمنظمات والمراكز والمؤسسات تقوم بأداء واجبها في معالجة هذه الجائحة والتخفيف من آثارها، إلا أنه مما ينبغي الإشادة به والثناء عليه - من باب العدل والإنصاف- ما تقوم به بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية من جهود جبارة في سبيل العمل الإنساني والإغاثي على المستوى العالمي عموما، فضلا عن جهودها الفاعلة في احتواء هذه الجائحة خصوصا.
إن المنصف الواعي لَيُدرك ما للمملكة العربية السعودية من أياد بيضاء في تقديم المساعدات الإنسانية لمختلف الدول، وإنقاذ المنكوبين من الكوارث والأزمات، وذلك عبر تاريخها الحافل بالعطاء، حيث بذلَت منذ نشأتها، ولا تزال تبذل جهودا مشكورة في خدمة الإسلام والمسلمين ونفْع البشرية جمعاء، ورفْع البأساء والضراء عن المتضررين، وتقديم العون للمحتاجين بتجرد تام، دون النظر إلى جنس المعطى أو عرقه أو لونه أو دينه أو قوميته.
لذلك كانت المملكة العربية السعودية بحقّ في طليعة الدول الداعمة للعمل الإنساني والإغاثي والتنموي حول العالم، حيث تجاوز إجماليّ ما أنفقته برامج المساعدات الإنسانية السعودية خلال العقود الأربعة الماضية (115) مليار دولار أمريكي، استفاد منها مواطنو أكثر من تسعين دولة حول العالم، أما مساهمات المملكة للمنظمات والهيئات الدولية فبلغت (524) مشروعاً، استفادت منها (50) جهة، بمبلغ تجاوز(216) مليار دولار أمريكي.
ولا تزال المملكة تواصل دورها الريادي في خدمة الإنسانية عموما، دون أي اعتبار لخلافات سياسية أو ثقافية، أو لاختلافات دينية أو مذهبية أو قومية، وكان آخر أعمالها الإنسانية دعْمها لـ (منظمة الصحة العالمية) بمبلغ عشرة ملايين دولار، من أجل التصدي لانتشار جائحة فيروس كورونا.
وفي إحصائية رسمية لمنصة التتبع المالي للأمم المتحدة (FTS)، فقد حصلت المملكة على المركز الأول عربيا والخامس عالميا في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، والتي بلغت خلال العام الأخير: مليارا و(281) مليون دولار، وهو ما يمثل نسبة (5.5) من إجمالي المساعدات الإنسانية المقدمة دوليا.
لا شك أن المكانة التي تحتلها المملكة على خارطة العمل الإنساني والخيري على الصعيد العالمي، تبعث على الفخر والاعتزاز، لأنها تجسد رسالتها الإنسانية والحضارية التي تستهدف في المقام الأول مدّ يد العون لكل محتاج في أي بقعة من بقاع العالم، وتخفيف وطأة المعاناة الإنسانية، وتحسين حياة الآخرين، ومساعدة الدول على مواصلة مسيرتها التنموية، منطلقة في ذلك من إيمانها التام بوحدة المصير الإنساني ومسؤولياتها الأخلاقية تجاه الشعوب التي تحتاج إلى الدعم والمساعدة، بعيداً عن أي اعتبارات خاصة، واضعة نصب عينيها ما يُثمره التضامن الإنساني من تعزيز التواصل والثقة بين الشعوب، بما يعمّق من أواصر التفاهم والألفة على حساب عوامل الصراع والفرقة، وبما يخدم التنمية والسلام، ويحقق الاستقرار والوئام.
ويعدّ (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية) خير شاهد وأقوى برهان على ريادة المملكة في هذا المجال، فقد وُلد المركز عملاقا ليبقى شامخا -إن شاء الله تعالى- يُثبت كلّ يوم اتصاله بمقومات الحياة الإنسانية في العالم، ويواصل سعيه الجاد نحو المثالية، ويقوم على إيصال خير المملكة شعباً وحكومة إلى العالَم أجمع، شعاره في ذلك: (خير الإنسانية ورفاهية الإنسان)، فصار المركز نافذة الأمل للمنكوبين، ومحطة عالمية رئيسة لمدّ يد العون للمتضررين، وذلك من واقع رسالته العالمية ونهجه الفريد في تقديم المساعدات الإنسانية بسلوك حضاري راقٍ، ومفاهيم عصرية استحدثها في مسيرة العمل الإنساني، وبات يُنظَر إليه على أنه من أبرز الإنجازات الإنسانية المعاصرة، رغم أن عمره لم يتعدّ بضع سنوات، لكن مساهماته وصلت إلى أكثر من (130) دولة حول العالم.
وفي إحصائية مستحدثة، فإن خطة المركز لعام (2020م) تتضمن (161) برنامجا إغاثيا إنسانيا، يستفيد منها قرابة نصف مليون شخص، في (58) دولة حول العالم.
كما تمكن المركز منذ تأسيسه عام (2015) وحتى الآن من تنفيذ (1050) مشروعا، في (44) دولة، بقيمة تجاوزت ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار، وذلك في مختلف القطاعات منها: الأمن الغذائي والصحة والتعليم والمياه والإصحاح البيئي والخدمات اللوجستية.
ويمتاز المركز في عمله بمنهج فريد يقوم على المزاوجة بين قيم الانتماء الديني المستمد من البعد الإسلامي الأصيل، والعمل الإنساني القائم على الفطرة السوية، مقدما بذلك خدمة حضارية راقية، تعكس حقيقة الإسلام ونصاعة شرائعه، في صورة عصرية مشرقة، بعيدا عن الشعارات النظرية الجوفاء، فأثبت واقعه وإنجازاته التجانس بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني، وكانت جهوده محاولة مثمرة في بناء مشروع عالمي وتكوين مجتمع إنساني أكثر تقاربا ووئاما.
إن هذا المركز الإنساني العالَمي يعدّ بحقّ واجهة حضارية مشرقة لمملكة العطاء التي قامت منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود – رحمه الله - على البر والإحسان، تقدّم للعالَم ما درج عليه أبناء هذه البلاد المباركة من قيم راسخة ومبادئ سامية وحبٍّ للخير؛ ولذلك لم يكن غريبًا أن تتبوّأ بلاد الحرمين الشريفين في هذا العصر الزاهر مرتبة متقدمة في قائمة أكثر دول العالم تقديمًا للمساعدات الإنسانية، وهو ما أقرّته الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وامتثالا للتوجيهات السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- للمركز بالوقوف مع الدول المتضررة من هذه الجائحة، فقد قام المركز بالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها في تنفيذ عدد من البرامج والمشاريع المتنوعة التي تهدف إلى توفير الاحتياجات الضرورية من الأجهزة والمستلزمات الطبية لمكافحة انتشار فيروس كورونا والتخفيف من آثاره في مختلف البلدان، وفيما يلي عرض موجز لأبرز تلك البرامج:
• تقديم مستلزمات وأدوات طبية لـليمن بمبلغ (25) مليون دولار أمريكي، ولـفلسطين بـمبلغ (4) ملايين دولار، وللصومال بمبلغ (3) ملايين دولار.
• تقديم (500) مليون دولار أمريكي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2020م، وخطة مواجهة فيروس كورونا فيه.
• تقديم مبادرة مجتمعية لتوعية الأطفال بطرق الوقاية من الفيروس في اليمن.
• التبرع بمبلغ (500) مليون دولار أمريكي، لدعم منظمة الصحة العالمية في مكافحة الوباء، ودعم التحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI)، ودعم التحالف الدولي للاستعداد للوباء والابتكار (CEPI).
• نقل مساعدات الحكومة الصينية المقدمة لليمن لمكافحة الفيروس، بالتنسيق مع قوات تحالف دعم الشرعية.
هذا، ومما يثمّن للمملكة العربية السعودية في دعم العمل الإنساني والإغاثي: رعايتها لإحدى أبرز المنظمات الدولية الرائدة، أقدمها وأنشطها، (رابطة العالم الإسلامي): المنظمة الإسلامية الشعبية العالمية التي تتخذ من مكة المكرمة مقّرا رئيسا لها، وهي التي تَملك سِجلاّ حافلا بالمنجزات الإنسانية الحضارية، ولها تاريخ مُشرق في إيضاح حقيقة الإسلام ومبادئه السمحة، وتسعى من خلال مناشطها المتنوعة إلى تنمية التعارف والتواصل بين شعوب الأرض وخدمتهم جميعا؛ لتحقيق تطلعاتهم في العيش بسلام وصحة واستقرار.
والرابطة عبر تاريخها المشرق لم تألُ جهدا في خدمة الإسلام والدفاع عنه ونصرة قضاياه وشعوبه، إلا أنها وجّهَت نشاطها وجعلَت من أولوياتها في الوقت الحاضر: الاهتمام بالعمل الإنساني والإغاثي وتفعيله دوليا، ولا سيما مع انتشار جائحة كورونا وابتلاء الإنسانية بآثارها وتبعاتها.
إن الرابطة في ضوء رؤيتها المتجددة مع معالي أمينها العام، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى تبذل جهودا حضارية متنوعة في مختلف القضايا الكبرى، للاضطلاع برسالتها (الإسلامية والإنسانية) حول العالم، وفق منهج التسامح الإسلامي الذي شمل برحمته الجميع، فقامت بإطلاق العديد من المبادرات والبرامج النوعية التي تخدم المسلمين وتنفع الإنسانية وتحقق لها الرفاهية والاستقرار والسلام، إلا أن جهودها في مواجهة جائحة كورونا والتقليل من آثاره وتداعياته، مما ينبغي أن يسجله التاريخ المعاصر بمداد من ذهب وأحرف خالدة، حيث قدمت الكثير من البرامج والمبادرات حول العالم، للتخفيف من آثار هذه الجائحة، استجابة لدورها الإنساني في خدمة المجتمعات حول العالم بمختلف أديانها وأعراقها.
وتماشياً مع خطة الاستجابة العاجلة التي أطلقتها الأمم المتحدة، قامت رابطة العالم الإسلامي بتنفيذ خطة استجابة عاجلة للتخفيف من آثار هذه الجائحة، تضمنت مساعدات مالية وطبية وغذائية وتوعوية إلى مختلف دول العالم.
وفيما يلي عرض موجز لأبرز جهود الرابطة ومبادراتها في ذلك:
• بلغ إجمالي المبلغ المصروف (26.642.769) ريالا، والمستفيد (34) دولة.
• تقديم الدعم المالي والعيني الطبي لبعض المنظمات والحكومات لشراء المستلزمات الصحية والوقائية، والقيام بحملات التنظيف والتعقيم للمرافق، وشملت: منظمة الصحة العالمية بمبلغ (1.875.000) ريال، ومنظمة الصليب الأحمر الكوسوفي، بمبلغ (375.000) ريال، أما الدول فقد بلغ عددها (25) دولة، بمبلغ قدره (21.309.742) ريالا.
• تقديم الدعم الإغاثي (السلال الغذائية)، للفقراء الذين ليس لهم الكفاية الغذائية اليومية، حيث يعتبر العمل اليومي مصدر دخلهم الوحيد، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها (4.883.000) ريال، استفاد منها (250.457) مستفيدا، في (22) دولة.
• تقديم الخدمات التوعوية والإرشادية، للتعريف بالفيروس وكيفية الوقاية منه، وذلك بإنتاج وتصميم برامج ومطبوعات تثقيفية، لتوزيعها على فئات المجتمع بالتنسيق مع الجهات الحكومية ومكاتب الرابطة حول العالم، وقد تضمنت النشرات التوعوية اللغات الثلاث: (العربية والإنجليزية والفرنسية)، كما قامت بإنتاج مقطع فلمي متحرك بتقنية (موشن جرافيكس).
• إقامة (14) دورة ومحاضرة متخصصة، لإيضاح الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في التعامل مع الأوبئة والأمراض المعدية، استفاد منها ما يقارب (5000) مستفيد.
• النشر الإلكتروني لكتاب إعجاز القرآن والسنة في الطب الوقائي والكائنات الدقيقة، وهو أحد إصدارات الرابطة، وحصل على (72) ألف مشاهدة.
• توجيه المعاهد التعليمية والقرآنية التابعة للرابطة بتطبيق آلية التعليم عن بعد.
وختاما، تقبل الله هذه الجهود العظيمة والخدمات المباركة من بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، وأجزل الأجر والمثوبة لقائدها الحكيم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، وصان هذه البلاد المباركة وأهلها من كل سوء ومكروه، ووفقها للمزيد في خدمة الإسلام والمسلمين ونفْع الإنسانية جمعاء، في سبيل تحقيق الأمن والسلام، ونشر المحبة والوئام.