د . أحمد عبد القيوم عبد رب النبي
د‭. ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬القيوم‭ ‬عبد‭ ‬رب‭ ‬النبي

لا‭ ‬تزال‭ ‬الأمّة‭ ‬المسلمة‭ ‬تستحضر‭ ‬في‭ ‬مسيرتها‭ ‬الحضارية‭ ‬ماضياً‭ ‬مشرقاً،‭ ‬وتبني‭ ‬واقعاً‭ ‬واعداً‭ ‬تستشرف‭ ‬به‭ ‬مستقبلاً‭ ‬أفضل،‭ ‬يقدم‭ ‬إسهامًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬وإضافةً‭ ‬نوعيةً‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف،‭ ‬ليضاف‭ ‬إلى‭ ‬الجهود‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬العثرات‭ ‬والعقبات،‭ ‬واحتواء‭ ‬التحديات‭ ‬والأزمات‭. ‬وتسجل‭ ‬الأمة‭ ‬المسلمة‭ ‬حضورها‭ ‬الإيجابي‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬وتجاوبها‭ ‬الجاد‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬والمستجدات‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬مشاريع‭ ‬مفيدة،‭ ‬وفعاليات‭ ‬مؤثرة،‭ ‬ومبادرات‭ ‬مميزة،‭ ‬تتقدم‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬يئنّ‭ ‬في‭ ‬زحمة‭ ‬الصراع‭ ‬والشقاق،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬العلمي‭ ‬الصحيح،‭ ‬وصناعة‭ ‬التميز‭ ‬الحضاري،‭ ‬وإظهار‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‭ ‬النقية‭ ‬للرسالة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬رحمة‭ ‬للعالمين‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬تميزت‭ ‬المبادرة‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬رابطة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬بمكانتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وشعبيتها‭ ‬العالمية،‭ ‬ورمزيتها‭ ‬العلمية‭ ‬والفكرية‭ ‬والروحية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬المحوري‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية،‭ ‬فهي‭ ‬المؤسسة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بعضوية‭ ‬واحترام‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والقادة‭ ‬الدينيين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬رصيدها‭ ‬الوجداني‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وتميزها‭ ‬بمنهجها‭ ‬الوسطي‭ ‬الحكيم‭. ‬وقد‭ ‬توّجت‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬حين‭ ‬أهدت‭ ‬العالَم‭ ‬من‭ ‬مهبط‭ ‬الوحي‭ ‬ومنبع‭ ‬الرسالة‭ ‬المحمدية‭ ‬وثيقة‭ ‬تاريخية‭ ‬هي‭ (‬وثيقة‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭) ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬1200‭) ‬مفتٍ‭ ‬ومرجعٍ‭ ‬وعالِمٍ‭ ‬مسلمٍ،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬4500‭) ‬مفكر‭ ‬ومسؤول‭ ‬قيادي‭ ‬لها،‭ ‬يمثلون‭ (‬27‭) ‬مكونًا‭ ‬إسلاميًا‭ ‬من‭ (‬139‭) ‬دولة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المذاهب‭ ‬والطوائف‭ ‬الدينية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬وكان‭ ‬ميلاد‭ ‬الوثيقة‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الإسلامي‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إليه‭ ‬معالي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الشيخ‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬العيسى‭ - ‬حفظه‭ ‬الله‭ - ‬ونظمته‭ ‬الرابطة‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭- ‬بجوار‭ ‬بيت‭ ‬الله‭ ‬الحرام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬عام1440هـ،‭ ‬بعنوان‭ (‬قيم‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬القرآن‭ ‬والسنة‭). ‬وقد‭ ‬تشرف‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬بتقديم‭ ‬الوثيقة‭ ‬لخادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ -‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وأيده‭- ‬في‭ ‬استقبال‭ ‬رسمي‭ ‬بهيج،‭ ‬لتحصد‭ ‬بذلك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬التوفيق‭ ‬والتأييد،‭ ‬وتحظى‭ ‬بالاهتمام‭ ‬الرسمي‭ ‬والشعبي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬
إن‭ (‬وثيقة‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭) ‬ليست‭ ‬عملاً‭ ‬مرتجلاً‭ ‬أو‭ ‬استعراضيًا،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬خلاصة‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة،‭ ‬وعصف‭ ‬ذهني‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬دراسات‭ ‬معمّقة‭ ‬وقراءات‭ ‬متواصلة‭ ‬وأبحاث‭ ‬أكاديمية‭ ‬متقدمة،‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬مسؤول‭ ‬بضرورة‭ ‬الفعل‭ ‬الحضاري،‭ ‬والعمل‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬والتسارع‭ ‬المخيف‭ ‬والتزايد‭ ‬المهول‭ ‬لخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداء‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والتخويف‭ ‬من‭ ‬المسلمين،‭ ‬والإساءة‭ ‬إلى‭ ‬مقدساتهم،‭ ‬واتهام‭ ‬دينهم‭ ‬ووصمه‭ ‬بنعوت‭ ‬سلبية‭ ‬كالتطرف‭ ‬والعنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والانعزال،‭ ‬في‭ ‬تجنّ‭ ‬سافر‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬ونصف‭ ‬من‭ ‬المسلمين،‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالتعايش‭ ‬والحوار،‭ ‬فكان‭ ‬هذا‭ ‬الاتهام‭ ‬مدعاة‭ ‬لإجراءات‭ ‬غير‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬المسلمين‭ ‬ومساجدهم‭ ‬ومؤسساتهم‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬غير‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬خَرق‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬للمواثيق‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات،‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬بين‭ ‬أتباع‭ ‬الديانات‭.‬
هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬انبثقت‭ ‬عن‭ ‬اجتماع‭ ‬آلاف‭ ‬المفكرين‭ ‬والعلماء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬لقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الإسلام‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬أسستها‭ (‬وثيقة‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭) ‬المباركة،‭ ‬التي‭ ‬قررها‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬مع‭ ‬اليهود‭ ‬وغيرهم‭ ‬قبل‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬قرنًا‭.‬
ذلك‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬يبعث‭ ‬لهذه‭ ‬الأمّة‭ ‬من‭ ‬يجدد‭ ‬لها‭ ‬أمر‭ ‬دينها،‭ ‬كما‭ ‬ثبت‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬انطمسَت‭ ‬معالم‭ ‬قيم‭ ‬الوحي‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬واندرسَت‭ ‬آثارها،‭ ‬ووصل‭ ‬الواقع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعالمي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬النبيلة،‭ ‬والمُثل‭ ‬العليا،‭ ‬ظهرَت‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الجامعة‭ ‬التي‭ ‬انبثق‭ ‬نورها‭ ‬بجوار‭ ‬البيت‭ ‬العتيق‭ ‬لتنعكس‭ ‬آثارها‭ ‬الإيجابية‭ ‬على‭ ‬مرآة‭ ‬العالم‭ ‬الإنساني‭.‬
جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬التاريخية‭ ‬الحضارية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المباركة‭ ‬بموادها‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ (‬29‭) ‬بندًا،‭ ‬لتكون‭ ‬منطلقًا‭ ‬لتأسيس‭ ‬منظومة‭ ‬تشريعية‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وأرضية‭ ‬صلبة‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬قواعد‭ ‬السلام‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬دعَت‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭ ‬والإخاء‭ ‬والمشترك‭ ‬الإنساني،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التقارب‭ ‬والتعارف‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬ومكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬الإنساني‭ ‬كافة،‭ ‬والـتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬لا‭ ‬تمثّل‭ ‬الإسلام،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬جماعات‭ ‬تصادر‭ ‬الدين‭ ‬وتتاجر‭ ‬به،‭ ‬متجاوزة‭ ‬كافة‭ ‬الجهات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تؤمِن‭ ‬أن‭ ‬المسلمين‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬فلا‭ ‬يسع‭ ‬أحدًا‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤولياته‭ ‬أو‭ ‬النكول‭ ‬عن‭ ‬واجباته‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬مكوناته؛‭ ‬لتحقيق‭ ‬صالح‭ ‬البشرية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قيمها‭ ‬النبيلة،‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬المحبة‭ ‬والوئام‭ ‬المجتمعي‭.‬
وسعياً‭ ‬من‭ (‬وثيقة‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭) ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬السامية‭ ‬للحياة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتأسيس‭ ‬مجتمعات‭ ‬بشرية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الأخوّة‭ ‬والتآلف،‭ ‬فإنها‭ ‬تضمّنت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬المعبّرة‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬أصيلة‭ ‬ومتجددة،‭ ‬مصدرها‭ ‬الوحي‭ ‬الرباني،‭ ‬وأُفُقها‭ ‬الانفتاح‭ ‬الواعي‭ ‬المتوازن‭ ‬على‭ ‬مستجدات‭ ‬العصر‭ ‬ومنجزاته،‭ ‬واستيعاب‭ ‬تطوراته‭ ‬المتلاحقة‭ ‬ومعطياته‭ ‬المتسارعة،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬المتجددة‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬اهتمام‭ ‬الأسرة‭ ‬الدولية،‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الحركة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الواعية،‭ ‬إسهامًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتعايش‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وبشّرت‭ ‬بها‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مواكبتها‭ ‬لمتغيرات‭ ‬الواقع‭ ‬العالمية‭ ‬وتحولاته‭ ‬الاجتماعية‭.‬
وتهدف‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تضمّنتها‭ (‬وثيقة‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭) ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬والإنساني‭ ‬لنشر‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬إسلامي‭ ‬متشبّث‭ ‬بثوابته‭ ‬الشرعية،‭ ‬ومنفتح‭ ‬على‭ ‬الآخر،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬والمصالح‭ ‬المتبادلة،‭ ‬ومبادئ‭ ‬الشرعة‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬التخطيط‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيجابية‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬وبقية‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬كلية‭ ‬نسقية‭ ‬تعتبر‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لاستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬التفاهم‭ ‬السوي‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وتجاوز‭ ‬معوقات‭ ‬التعايش‭ ‬ومهدداته‭.‬
كما‭ ‬تسعى‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رؤيتها‭ ‬الأصيلة‭ ‬والراسخة‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬إلى‭ ‬زرع‭ ‬روح‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتسامح‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬أوطاننا‭ ‬المختلفة،‭ ‬وإقناع‭ ‬الأجيال‭ ‬الصاعدة‭ ‬بأن‭ ‬الصراع‭ ‬والصدام‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬صورة‭ ‬مقيتة‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف،‭ ‬واستنبات‭ ‬العداء‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬ويحول‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬مطلب‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭.‬
‭ ‬لذلك‭ ‬جاءت‭ ‬موادها‭ ‬وبنودها‭ ‬بهذه‭ ‬الشمولية‭ ‬والتكاملية‭ ‬واستيعاب‭ ‬مجالات‭ ‬متعددة‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬منطلقها‭: ‬الوحي‭ ‬الإلهي،‭ ‬ومقصدها‭: ‬تحقيق‭ ‬سعادة‭ ‬الإنسان‭ ‬واحترام‭ ‬كرامته‭ ‬الآدمية‭ ‬وصون‭ ‬حقوقه‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وضمان‭ ‬أمنه‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬وتحسين‭ ‬رفاهيته‭ ‬وأحوال‭ ‬معيشته،‭ ‬حيث‭ ‬دعَت‭ ‬إلى‭ ‬سنّ‭ ‬التشريعات‭ ‬الرادعة‭ ‬لمروّجي‭ ‬الكراهية،‭ ‬والمحرضين‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والصدام،‭ ‬والتصدي‭ ‬لانتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مفهومها‭ ‬الشامل،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والأفكار‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ومعالجة‭ ‬الانهيار‭ ‬القيمي‭ ‬والأزمات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والبيئية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬البشرية‭. ‬واعتبرت‭ ‬الوثيقة‭ ‬أن‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬والاستهلاك‭ ‬المفرط‭ ‬لمواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬وإهدارها‭ ‬وتلويثها‭ ‬تجاوز‭ ‬واعتداء‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬نقية‭ ‬سليمة،‭ ‬كما‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬تعاون‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬الاحترام‭ ‬والوئام‭ ‬الإنساني،‭ ‬والتصدي‭ ‬للتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والتعصب‭ ‬الطائفي‭ ‬وسلبيات‭ ‬الكراهية‭ ‬والتخويف‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ (‬الإسلاموفوبيا‭).‬
وتميزت‭ ‬الوثيقة‭ ‬بمساهمتها‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬العدل‭ ‬والسِّلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬آلية‭ ‬التعايش‭ ‬السعيد‭ ‬والتعامل‭ ‬الحسن‭ ‬بين‭ ‬أتباع‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات،‭ ‬وتوفير‭ ‬مقومات‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والحياة‭ ‬الآمنة،‭ ‬وإقرار‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتنوع‭ ‬الديني‭ ‬والثقافي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬شراكة‭ ‬حضارية‭ ‬إيجابية‭ ‬قوامها‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتعاون‭ ‬والعدل‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسان‭ ‬وإسعاده،‭ ‬ونشر‭ ‬السكينة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المعاصرة،‭ ‬والضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬العابثين‭ ‬ومثيري‭ ‬الفتن‭ ‬والفوضى‭ ‬وحماية‭ ‬الأوطان‭ ‬من‭ ‬إفسادهم‭ ‬وجرائمهم‭.‬
كما‭ ‬تؤكد‭ ‬الوثيقة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬احترام‭ ‬المواطنة‭ ‬الشاملة،‭ ‬والولاء‭ ‬الصادق‭ ‬للوطن،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الأمن،‭ ‬ومكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬ورعاية‭ ‬حمى‭ ‬المحرمات‭ ‬والمقدسات،‭ ‬والتمكين‭ ‬المشروع‭ ‬للمرأة،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬تهميشها‭ ‬وامتهان‭ ‬كرامتها،‭ ‬وتفعيل‭ ‬أدوارها‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والعناية‭ ‬الكاملة‭ ‬بالأطفال‭ ‬صحة‭ ‬وتربية‭ ‬وتعليماً،‭ ‬وتعزيز‭ ‬هوية‭ ‬الشباب‭ ‬المسلم‭.‬
إن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬العالمية‭ ‬باختصار،‭ ‬تعزز‭ ‬أسس‭ ‬ومرتكزات‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬أيّا‭ ‬كان‭ ‬معتقده‭ ‬وجنسه‭ ‬ولغته‭ ‬وعرقه،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬إنساني‭ ‬عالمي‭ ‬مشترك،‭ ‬يستوعب‭ ‬القوميات‭ ‬والأعراق‭ ‬والشعوب‭ ‬كافة،‭ ‬ويشيّد‭ ‬أعظم‭ ‬صرح‭ ‬للإنسانية‭ ‬جمعاء؛‭ ‬صرح‭ ‬التعارف‭ ‬والاحترام‭ ‬والتعاون‭ ‬والإخاء‭.‬
كما‭ ‬ترسخ‭ ‬أسمى‭ ‬القيم‭ ‬الحضارية،‭ ‬وتوضح‭ ‬المبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬القويمة؛‭ ‬حيث‭ ‬استبدلت‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الوفاق‭ ‬والتعارف‭ ‬والتفاهم‭ ‬مع‭ ‬حفظ‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬لكل‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬البشري،‭ ‬بمفهوم‭ ‬الفرقة‭ ‬والصراع‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬والقبائل‭.‬
هذه‭ ‬الدلالات‭ ‬والمعاني‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والمضامين‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الحضارية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تضمّنتها‭ ‬الوثيقة،‭ ‬جعلتها‭ ‬تحظى‭ ‬بالتقدير‭ ‬البالغ‭ ‬والاهتمام‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬والقيادات‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية،‭ ‬وكذا‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‭ ‬وصانعي‭ ‬القرار‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬وآخرها‭: ‬إقرار‭ ‬بنودها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬السابعة‭ ‬والأربعين‭ ‬المنعقد‭ ‬في‭ (‬نيامي‭ ‬عاصمة‭ ‬جمهورية‭ ‬النيجر‭) ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2020م،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬أهميتها،‭ ‬ودعت‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬بدء‭ ‬العمل‭ ‬بنشر‭ ‬محتوياتها‭ ‬وتنفيذ‭ ‬بنودها،‭ ‬لتوافقها‭ ‬مع‭ ‬المبادئ‭ ‬والأهداف‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭.‬
كما‭ ‬حظيت‭ ‬الوثيقة‭ ‬بتتويجها‭ ‬ونيلها‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬العالمية‭ ‬لخدمة‭ ‬الإسلام‭ (‬لعام‭ ‬1441هـ‭)‬،‭ ‬باعتبارها‭ ‬النموذج‭ ‬الأمثل‭ ‬للخطاب‭ ‬الديني‭ ‬المعاصر،‭ ‬وكونها‭ ‬تمثل‭ ‬دستورًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬وحفظ‭ ‬قيم‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭.‬
ومما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وعالميتها‭: ‬جامعية‭ ‬مضامينها‭ ‬وبنودها‭ ‬التي‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬الإنسانية‭ ‬ونفعها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬وتحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تفريق،‭ ‬معبّرة‭ ‬عن‭ ‬نظرة‭ ‬الخطاب‭ ‬الإسلامي‭ ‬المستنير‭ ‬لخاصية‭ ‬التنوع‭ ‬البشري،‭ ‬داعية‭ ‬للحوار‭ ‬والتواصل‭ ‬الحضاري،‭ ‬وتكريس‭ ‬ثقافة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عاديات‭ ‬الشر‭ ‬وأفكار‭ ‬التطرف‭ ‬والكراهية‭ ‬والصدام‭ ‬الحضاري،‭ ‬لتشكّل‭ ‬الوثيقة‭ ‬بذلك‭ ‬ميثاقًا‭ ‬عالميًا‭ ‬لإرساء‭ ‬السِّلم‭ ‬المجتمعي،‭ ‬ونقل‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬المعترك‭ ‬إلى‭ ‬المشترك،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بمثابة‭ ‬دستور‭ ‬وقانون‭ ‬عام‭ ‬يحمي‭ ‬المجتمعات‭ ‬والأوطان‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬أتباع‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬والأعراق‭ ‬والمذاهب‭. ‬وتمثّل‭ ‬الوثيقة‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لمستقبل‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتجانس‭ ‬مكوناتها،‭ ‬وتحدّد‭ ‬بشمولية‭ ‬وبُعد‭ ‬نظر‭ ‬آفاق‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬المشترك،‭ ‬خدمةً‭ ‬لعموم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتحقيقًا‭ ‬لمقصدي‭ ‬العمران‭ ‬البشري،‭ ‬والاستخلاف‭ ‬الإلهي‭.‬
من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬العالمية‭ ‬خاصة‭ ‬بدين‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬أو‭ ‬مذهب‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مذهب،‭ ‬وإنما‭ ‬استوعبت‭ ‬الأديان‭ ‬كلها‭ ‬والشعوب‭ ‬جميعها،‭ ‬وتؤكد‭ -‬مثل‭ ‬وثيقة‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭ - ‬أن‭ ‬للآخر‭ ‬ما‭ ‬لنا‭ ‬وعليه‭ ‬ما‭ ‬علينا‭. ‬فآفاقها‭ ‬واسعة،‭ ‬ورؤيتها‭ ‬بعيدة،‭ ‬وأبعادها‭ ‬متعددة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صالح‭ ‬الإنسانية‭ ‬قاطبة،‭ ‬ونفع‭ ‬البشرية‭ ‬عامة‭.‬
وختاما‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭: ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬وُلدت‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬مناسبة‭ ‬اشتدت‭ ‬فيها‭ ‬حاجة‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬المفاهيم،‭ ‬وتوضيح‭ ‬المصطلحات،‭ ‬ووضع‭ ‬الآليات،‭ ‬وتصحيح‭ ‬الرؤى‭ ‬والتوجّهات،‭ ‬وتصميم‭ ‬المسارات‭ ‬بروح‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال،‭ ‬لتكون‭ ‬بذلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬قاعدة‭ ‬الانطلاق‭ ‬لعصر‭ ‬جديد‭ ‬ترفرف‭ ‬في‭ ‬سمائه‭ ‬رايات‭ ‬الأخوّة‭ ‬والسلام،‭ ‬وتعمّ‭ ‬في‭ ‬أرجائه‭ ‬روح‭ ‬المحبة‭ ‬والوئام،‭ ‬فاستحقت‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬تعدّ‭ (‬ميثاق‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المعاصرة‭)‬،‭ ‬لتُسهم‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد،‭ ‬ووضع‭ ‬قانون‭ ‬حضاري‭ ‬متكامل،‭ ‬أساسه‭: ‬الوحي،‭ ‬ومرتكزاته‭: ‬العدل،‭ ‬والإنصاف،‭ ‬والمساواة،‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وآفاقه‭: ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬إنساني‭ ‬فاضل‭ ‬تسوده‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬والمبادئ‭ ‬والمُثل،‭ ‬وعالَم‭ ‬يطغى‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬الشر،‭ ‬وينعم‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬ويعمّه‭ ‬الرخاء‭ ‬والازدهار‭.‬

المصدر : مجلة الرابطة  - العدد 664